الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تفسير القرآن العظيم (نسخة منقحة)
ويُجمع على جُمَاديات، كحبارى وحُبَاريات، وقد يذكر ويؤنث، فيقال: جمادى الأولى والأول، وجمادى الآخر والآخرة.رجب: من الترجيب، وهو التعظيم، ويجمع على أرجاب، ورِجَاب، ورَجَبات.شعبان: من تشعب القبائل وتفرقها للغارة ويجمع على شَعَابين وشَعْبانات.ورمضان: من شدة الرمضاء، وهو الحر، يقال: رمضت الفصال: إذا عطشت، ويجمع على رَمَضَانات ورَماضين وأرْمِضَة قال: وقول من قال: إنه اسم من أسماء الله؛ خطأ لا يعرج عليه، ولا يلتفت إليه.قلت: قد ورد فيه حديث؛ ولكنه ضعيف، وبينته في أول كتاب الصيام.شوال: من شالت الإبل بأذنابها للطراق، قال: ويجمع على شَوَاول وشَوَاويل وشَوَّالات.القعدة: بفتح القاف- قلت: وكسرها- لقعودهم فيه عن القتال والترحال، ويجمع على ذوات القعدة.الحجة: بكسر الحاء- قلت: وفتحها- سمي بذلك لإيقاعهم الحج فيه، ويجمع على ذوات الحجة.أسماء الأيام: أولها الأحد، ويجمع على آحاد، وأُحاد ووحود. ثم يوم الإثنين، ويجمع على أثانين. الثلاثاء: يمد، ويُذَكَّر ويؤنث، ويجمع على ثلاثاوات وأثالث. ثم الأربعاء بالمد، ويجمع على أربعاوات وأرابيع. والخميس: يجمع على أخمسة وأخامس، ثم الجمعة- بضم الميم، وإسكانها، وفتحها أيضا- ويجمع على جُمَع وجُمُعات.السبت: مأخوذ من السَّبْت، وهو القطع؛ لانتهاء العدد عنده. وكانت العرب تسمي الأيام أول، ثم أهون، ثم جُبَار، ثم دبار، ثم مؤنس، ثم العروبة، ثم شيار، قال الشاعر- من العرب العرباء العاربة المتقدمين-: وقوله تعالى: {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} فهذا مما كانت العرب أيضا في الجاهلية تحرمه، وهو الذي كان عليه جمهورهم، إلا طائفة منهم يقال لهم: البَسْل، كانوا يحرمون من السنة ثمانية أشهر، تعمقا وتشديدًا.وأما قوله: ثلاث متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان، فإنما أضافه إلى مضر، ليبين صحة قولهم في رجب أنه الشهر الذي بين جمادى وشعبان لا كما كانت تظنه ربيعة من أنَّ رجب المحرم هو الشهر الذي بين شعبان وشوال، وهو رمضان اليوم، فبين، عليه الصلاة والسلام، أنه رجب مضر لا رجب ربيعة. وإنما كانت الأشهر المحرمة أربعة، ثلاثة سَرْدٌ وواحد فرد؛ لأجل أداء مناسك الحج والعمرة، فحرم قبل شهر الحج شهر، وهو ذو القعدة؛ لأنهم يقعدون فيه عن القتال، وحُرِّم شهر ذي الحجة لأنهم يوقعون فيه الحج ويشتغلون فيه بأداء المناسك، وحرم بعده شهر آخر، وهو المحرم؛ ليرجعوا فيه إلى نائي أقصى بلادهم آمنين، وحرم رجب في وسط الحول، لأجل زيارة البيت والاعتمار به، لمن يقدم إليه من أقصى جزيرة العرب، فيزوره ثم يعود إلى وطنه فيه آمنا.وقوله تعالى: {ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} أي: هذا هو الشرع المستقيم، من امتثال أمر الله فيما جعل من الأشهر الحرم، والحَذْو بها على ما سبق في كتاب الله الأول.وقال تعالى: {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} أي: في هذه الأشهر المحرمة؛ لأنه آكد وأبلغ في الإثم من غيرها، كما أن المعاصي في البلد الحرام تضاعف، لقوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: 25] وكذلك الشهر الحرام تغلظ فيه الآثام؛ ولهذا تغلظ فيه الدية في مذهب الشافعي، وطائفة كثيرة من العلماء، وكذا في حَقِّ من قتل في الحرم أو قتل ذا محرم.وقال حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مِهْران، عن ابن عباس، في قوله: {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} قال: في الشهور كلها.وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} الآية {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} في كلِّهن، ثم اختص من ذلك أربعة أشهر فجعلهن حراما، وعَظم حُرُماتهن، وجعل الذنب فيهن أعظم، والعمل الصالح والأجر أعظم.وقال قتادة في قوله: {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرًا، من الظلم فيما سواها، وإن كان الظلم على كل حال عظيما، ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء. قال: إن الله اصطفى صَفَايا من خلقه، اصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس رسلا واصطفى من الكلام ذِكْرَه، واصطفى من الأرض المساجد، واصطفى من الشهور رمضان والأشهر الحرم، واصطفى من الأيام يوم الجمعة، واصطفى من الليالي ليلة القدر، فَعَظِّموا ما عظم الله، فإنما تُعَظم الأمور بما عظمها الله به عند أهل الفهم وأهل العقل.وقال الثوري، عن قيس بن مسلم، عن الحسن بن محمد بن الحنفية: بألا تحرموهن كحرمتهن.وقال محمد بن إسحاق: {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} أي: لا تجعلوا حرامها حلالا ولا حلالها حراما، كما فعل أهل الشرك، فإنما النسيء الذي كانوا يصنعون من ذلك، زيادة في الكفر {يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا} الآية [التوبة: 37].وهذا القول اختيار ابن جرير.وقوله: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} أي: جميعكم {كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} أي: جميعهم، {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}وقد اختلف العلماء في تحريم ابتداء القتال في الشهر الحرام: هل هو منسوخ أو محكم؟ على قولين:أحدهما- وهو الأشهر: أنه منسوخ؛ لأنه تعالى قال هاهنا: {فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} وأمر بقتال المشركين وظاهر السياق مشعر بأنه أمر بذلك أمرًا عاما، فلو كان محرما ما في الشهر الحرام لأوشك أن يقيده بانسلاخها؛ ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاصر أهل الطائف في شهر حرام- وهو ذو القعدة- كما ثبت في الصحيحين: أنه خرج إلى هوازن في شوال، فلما كسرهم واستفاء أموالهم، ورجع فَلُّهم، فلجئوا إلى الطائف- عَمد إلى الطائف فحاصرها أربعين يوما، وانصرف ولم يفتتحها فثبت أنه حاصر في الشهر الحرام.والقول الآخر: أن ابتداء القتال في الشهر الحرام حرام، وأنه لم ينسخ تحريم الحرام، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ} الآية [المائدة: 2] وقال: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} الآية [البقرة: 194] وقال: {فَإِذَا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} الآية [التوبة: 50]وقد تقدم أنها الأربعة المقررة في كل سنة، لا أشهر التسيير على أحد القولين.وأما قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} فيحتمل أنه منقطع عما قبله، وأنه حكم مستأنف، ويكون من باب التهييج والتحضيض، أي: كما يجتمعون لحربكم إذا حاربوكم فاجتمعوا أنتم أيضا لهم إذا حاربتموهم، وقاتلوهم بنظير ما يفعلون، ويحتمل أنه أذن للمؤمنين بقتال المشركين في الشهر الحرام إذا كانت البداءة منهم، كما قال تعالى: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ} [البقرة: 194] وقال تعالى: {وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ} الآية [البقرة: 191]، وهكذا الجواب عن حصار رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف، واستصحابه الحصار إلى أن دخل الشهر الحرام، فإنه من تتمة قتال هوازن وأحلافها من ثقيف، فإنهم هم الذين ابتدءوا القتال، وجمعوا الرجال، ودعوا إلى الحرب والنزال، فعندما قصدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقدم، فلما تحصنوا بالطائف ذهب إليهم لينزلهم من حصونهم، فنالوا من المسلمين، وقتلوا جماعة، واستمر الحصار بالمجانيق وغيرها قريبا من أربعين يوما. وكان ابتداؤه في شهر حلال، ودخل الشهر الحرام، فاستمر فيه أياما، ثم قفل عنهم لأنه يغتفر في الدوام ما لا يغتفر في الابتداء، وهذا هو أمر مقرر، وله نظائر كثيرة، والله أعلم. ولنذكر الأحاديث الواردة في ذلك وقد حررنا ذلك في السيرة، والله أعلم.
|